هل الجن يعلمون الغيب
لما توفي سيدنا سليمان توفي على عصاه فظل واقفاً لا يتحرك فكانت الجن لازالت تشتغل لديه ولا تعلم أنه توفي، وكانوا يخافونه جداً لدرجة أنهم لم يحاولوا الاقتراب منه للتأكد هل هو حي أم ميت، حيث أن أجساد الأنبياء لا تَبلى بعد الموت، وجاءت دابة الأرض تأكل عصا سيدنا سليمان التي كان يرتكز عليها فخر واقعاً على الأرض فقالت الجن: لو كنا نعلم الغيب ما لبثنا في العذاب المهين وهذا مذكور في القرآن يقول تعالى: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ).
وقد كانتِ الشياطين قبل بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تصعدُ إلى الفضاءِ فتصلُ إلى الغمام والسحابِ حيثُ يسترقونَ السمعَ من كلامِ الملائكةِ الذين يتحدَّثونَ ببعض ما سيكونُ بإذن الله في الأرضِ من موتٍ أو أمر أو مصائب، فيأتون الكهنَة الكفار ويُخبروهم بما سمعوا، فتُحدّثُ الكهنةُ الناسَ فيجدونه كما قالوا، وادعت الكهنة معرفة الغيب، فلما ركنَت الناس إلى الكهنة، أدخلوا الكذبَ على أخبارهم فزادوا مع كل كلمةٍ سبعين كلمة، وكتبَ الناسُ ذلك الكلام في الكتب، وفشا في بني إسرائيل أنَّ الجنَّ والكهنة يعلمون الغيبَ.
إذاً الجن لا يعلمون الغيب بل هم يسترقون السمع وينقلون الأخبار لسرعة حركتهم ولطافة مادتهم النارية ويخيلون على الناس بقدرتهم على التشكل فقد يخيل الجن المرأة لزوجها في صورة قبيحة مخالفة للحقيقة للتفريق بين الزوجين فهم يخدعون أبصار الناس فقط، لغرض الضرر والإفساد وقال تعالى: "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" فليس للسحرة والجان السيطرة المطلقة بل هناك أذكار ورقى شرعية تمنع السحر وتزيل أثره وتحمي المسلم وتحفظه، وبعض السحرة يستخدمون السحر لإبطال السحر بتسخير الجان أيضاً وهذا يكون باستخدام الطلاسم والتعاويذ وإرضاء الجان بالكفر أيضاً وهو محرم مثله مثل السحر وإتيان العرافين والسحرة كفر ولو كانوا في زي الشيوخ، والواجب على المسلم الالتزام بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الواردة في التداوي بالسنة النبوية فقط دون طلاسم ولا تعاويذ.
اليهود و سحر الكابلا
أقام اليهود علمًا بالسحر أسموه الكابالا أو القبالة، هي كلمة آرامية من الأصل قبل ومعناه القبول أو تلقي الرواية الشفوية، وأصبح هناك طائفة معينة متميزة تسمى القبالة وأخذت على عاتقها تفسير التوراة ممزوجة بالسحر والشعوذة حتى أنهم أضافوا مزمارًا في سفر الزبور خاصا بالسحر، ووضعوا كتبًا وشروحات تشتغل بالسحر والشعوذة ومن كتبهم هذه كتاب اسمه "الزوهار" وهي ايضًا لفظة آرامية تعني النور والضياء ومنها لفظ المتنورين أو الايلوميناتي.
واليهود كي ينفردوا بالسحر وعلومه بدأوا بإضافة كثير من الرموز والأشكال والأرقام لعقيدتهم وجعلها أساس تفسيرهم للتوراة ومحل إحتكار، من هذه الرموز النجمة السداسية والتي أطلقوا عليها نجمة داوود وكما سموها خاتم سليمان وتسمى بالعبرية ماجين دافيد وتعني درع داوود، وهذا الرمز إستعملته أقوام قبل اليهودية للدلالة على آلهتهم منهم الهندوس والفراعنة وأما اليهود فقد حاولوا أن يعللوا استعمال هذا الرمز بقولهم أنه يدل على الأسباط الإثنى عشر، حيث أن كل زاوية تمثل سبطًا.
ومن الملاحظ أن شغفهم بالسحر تزايد بعد موت سيدنا سليمان واعتبروا سيدنا سليمان ساحرًا ولم يعترفوا به كنبّي مرسل، بل اتهموه بالسحر وأنه من كبار السحرة وهكذا سخر الجن والطير يعملون تحت إمرته وسلطانه وهذا خطأ وإثم كبير وواحدة من جرائم بني إسرائيل، لذلك هم يستعينون بالجان ويمارسون السحر لإفساد البشرية ونشر الشر ويسعون لبناء هيكل سليمان حتى يستعيدوا العصر الذهبي لليهود والهيكل في الواقع ما هو إلا المسجد الأقصى الذي بناه سيدنا آدم من قبل سيدنا سليمان بقرون عديدة وتم تجديده فقط على مر الزمان، ولكن الجن يخدعون من تبعهم من بني آدم لإفشال مهمتهم في عمارة الأرض وليكون ابليس وشياطين الجن والإنس سواء في عذاب جهنم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.